متحف عمان عبر الزمان
متحف عُمان عبر الزمان سردٌ لقصص الأمجاد العمانية و أيقونة لعصر النهضة
يسعى متحف عُمان عبر الزمان إلى التركيز على الطابع الفريد لسلطنة عُمان والتعريف بمميزاتها وتاريخها العريق ونهضتها التي ما زالت تدفع بها للمُضي قُدمًا على المستويين المحلي والدولي في ظل القيادة الحكيمة لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظه الله ورعاه/ للإسهام في نشر الوعي وتوطيد علاقة الشباب العُماني بالإرث الثقافي وحثّهم على التفاعل بشكل يُلهمهم بفاعلية في بناء وطنهم ورسم معالمه.
ويهدف المتحف إلى إبراز النقلة النوعية لسلطنة عُمان بين ماضيها وحاضرها ومستقبلها بشكل تفاعلي وحديث صوتًا وصورةً، انطلاقًا من أمجادها التاريخية ووصولًا إلى حاضرها المشرق.
ففي عام 2015 تفضّل المغفور له بإذن الله السُّلطان قابوس بن سعيد /طيّب الله ثراه / بوضع حجر الأساس لمشروع “متحف عُمان عبر الزمان” بولاية منح بمحافظة الداخلية على مساحة ارض تقدر بـثلاثمائة ألف متر مربع ومساحة بناء 591 ر 66 متر مربع ويُصمّم على شكل جبال الحجر ليُضفي إبداعًا معماريًّا يمثّل البيئة العُمانية بتفاصيلها الجغرافية الفريدة.
وهدف القائمون على المشروع إلى أن يكون المبنى ذا طابع إبداعي يمثل أيقونة لعصر النهضة مبنًى ومعنًى، ويترجم العمارة العُمانية بأسلوب عصري متفرّدٍ بتفاصيله الهندسية والإنشائية ومواد بنائه.
ويعد مبنى متحف عُمان عبر الزمان صديقًا للبيئة؛ حيث تم بناؤه بشكل منخفض من جهة الشرق حتى تشرق عليه الشمس ويحمي المساحات داخل الفضاءات من أشعتها المباشرة، ووُضعت في جهة الغرب نوافذ تساعد على إدخال الإضاءة للمتحف مع جدران مائلة تمنع أشعة الشمس المباشرة، وتخفّض الطاقة التي يحتاجها المتحف في الإنارة.
وقد جاء تصميمه وفق نظام مأخوذ من فكرة القلاع والمباني القديمة مع وجود الجدران التي تجعل الهواء الساخن المارَّ باردا، وحُدّدت بعض الاشتراطات في البناء حتى يكون صديقًا للبيئة مثل استخدام الحجارة العُمانية عالية الجودة من محافظتي الظاهرة وشمال الباطنة ورصعت بها جدران المتحف من الداخل والخارج وبلغ حجمها مائة وثلاثين ألف متر مربع، كما استُثمرت مخلفات الأحجار والقطع للاستفادة منها في الحديقة.
يقع “متحف عمان عبر العصور” في ولاية منح في قلب محافظة الداخلية وعلى بعد حوالي ساعة وأربعين دقيقة بالسيارة من مسقط (لمزيد من المعلومات يرجى النقر هنا)
ويتميّز المتحف بالواجهات الزجاجية التي تتراوح ارتفاعاتها بين تسعة أمتار وستة عشر مترًا وتصل أحيانا إلى خمسة وعشرين مترًا لجعل الرؤية واضحة على الآفاق.
ومن ضمن المواصفات التي تمت مراعاتها في الزجاج، لون الزجاج الحديدي الذي يكون واضحًا جدًّا، واستخدام أربع طبقات من الزجاج حيث يبلغ سمك الطبقة الواحدة ستة سنتيمترات ويصل ارتفاعها إلى خمسة أمتار، مما أعطى جمالية للمتحف ويتيح للزائر رؤية آفاق المشروع ويبين مناظر الجبال حوله ويربط المتحف بالبيئة المحيطة به من خلال انكشافه عليها.
ووُضعت طبقة عازلة بين المتحف والأرض لحمايته من الزلازل، ففي حال حدوث حركة زلازل فإن نظام العزل سيعمل على تقليل تأثيرات هذه الحركة على المبنى، ويمتص العازل حركة الزلازل، وهو أمر استثنائيّ في مجال الإنشاءات في هذا المشروع.
ويتكون المتحف من قاعتين ثريّتين بمحتواهما ومقتنياتهما، هما: قاعة التاريخ وقاعة عصر النهضة، ويُبحر الزائر في أولى خطواته في متحف عُمان عبر الزمان بين جغرافيا سلطنة عُمان وتاريخها، متأمّلًا ماضيها وحاضرها ومستقبلها بشكل تفاعلي وباستخدامِ الوسائل التقنية الحديثة، إضافة إلى المقتنيات الثرية التي يستعرضها المتحف بين جنباته، ليأخذه في رحلةٍ سرديةٍ عبر الزمن تبدأ من أواخر عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا الحاضر.
ويستطيع الزائر لقاعة التاريخ التي تتكون من: جناح أرض عُمان وجناح المستوطنين الأوائل وجناح حضارة عُمان وجناح مملكة عُمان وجناح التراث البحري وجناح الأفلاج وجناح اعتناق الإسلام وجناح دولة اليعاربة وجناح دولة البوسعيديين، التعرف على مختلف الحقب التي مرت بها سلطنة عُمان كجيولوجيا الأرض والسكّان الأوائل وصولًا إلى عصر النهضة.
وتمتاز قاعة التاريخ بطريقة العرض من خلال المسار الزمني مع إبراز موضوعين اثنين هما: التراث البحري والأفلاج لارتباطهما بتاريخ سلطنة عُمان عبر عدة عصور وحقب تاريخية، وهي التكون الجيولوجي لأرض عُمان، والعصر الحجري المتمثل في جناح المستوطنين الأوائل، والعصر البرونزي المتمثل في جناح حضارة مجان، والعصر الحديدي المتمثل في جناح مملكة عُمان، بالإضافة إلى أجنحة اعتناق الإسلام، ودولة اليعاربة ودولة البوسعيديين.
وترتكز وسائل العرض المتحفي في هذه القاعة على الوسائط الرقمية لإيجاد بيئات افتراضية متعددة الأبعاد تمكّن الزائر من معايشة الواقع الافتراضي لكل عصر، إضافة إلى مجموعة منتقاة من الشواهد المادية والخرائط لإضفاء حالة من الواقعية، فتحتوي أجنحة العصور على عدد من المقتنيات والمواد المرئية التي تتحدث عن عدد من الموضوعات والمواقع الأثرية مثل مستوطنات رأس الحمراء ورأس الجنز ومظاهر الحياة اليومية آنذاك، وما يتصل بالهجرات الموسمية، والتواصل البحري، وتجارة النحاس، وبناء منظومة الأفلاج، كما تحتوي على بيئة افتراضية فائقة الدقة تتحدث عن إسهام أهل عُمان في الإسلام، ومناحي الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بذلك، والإسهام العلمي للعلماء العُمانيين.
من جانب آخر، تستعرض قاعة التاريخ حقبة دولة اليعاربة من خلال عرض صوتي ومرئي فائق الدقة وخرائط افتراضية وحقبة دولة البوسعيديين التي تتكون من أربع مراحل رئيسة هي: فترة تأسيس الدولة، وفترة الإمبراطورية العُمانية، وفترة انقسام الحكم بين مسقط وزنجبار، وفترة الطريق للنهضة، مع التركيز على مظاهر الحياة اليومية والإنجازات التي تحققت في شتى ميادين الحياة خلال فترة حكم الأئمة والسلاطين من أسرة البوسعيد.
أما قاعة عصر النهضة المباركة فتتكون من: جناح فجر النهضة وجناح بناء الوطن وجناح مجتمعنا وجناح البيئة الصحية وجناح الأمن والاستقرار وجناح نحو اقتصاد مستدام وجناح البنية الأساسية والنقل وجناح الشورى وجناح عُمان والعالم وجناح التعبير الإبداعي وجناح عُمان والاتصالات وجناح الإلهام، وتم تصميم مدخلها على شكل فضاء مفتوح، يتوسطه عدد من الأعمدة المهيبة التي تشكل فضاءً تفاعليًّا لمنظومة العرض الصوتي والمرئي فائقة الدقة تتناول الأعوام الخمسة الأولى من عمر النهضة المباركة، وتتيح مشهدًا بانوراميًّا للقاعة، وتمثل القاعة ذروة تجربة الزائر للمتحف ومحورها الأساس، وتستعرض جوانب التطور والازدهار والنماء في سلطنة عُمان، وما شهدته من تحول اجتماعي واقتصادي وصناعي وسياسي ملحوظ، جنبًا إلى جنب مع المحافظة على مكنونات هويتها الأصيلة وتقاليدها الثقافية العريقة.
تعليقات
إرسال تعليق